جنوب السودان جذور المشكلة وتداعيات الانفصال
1. أبعاد المخطط ألتقسيمي
2. جنوب السودان صراع سياسي وعسكري نحو الانفصال
3. تسييس الدين واليات فصل الجنوب
4. حركات التمرد في جنوب السودان :
5. اتفاقية نيفاشا عام 2005
6. أسباب مشكلة الجنوب
7. تداعيات الانفصال
8. الملاحق
الملحق (أ) تفاصيل جنوب السودان الجيبوليتيكة.
الملحق (ب) اتفاق مشاكوس
الملحق(ج) المليشيات المسلحة في الجنوب
بات مصطلح تقسيم السودان متداول بشكل بعيد عن المخاطر والتداعيات التي سوف تنجم عنه وكذلك تقسيم العراق واليمن في وقت فقد النظام الرسمي العربي قدرته في الحفاظ على تماسك ووحدة الدول العربية وتمسكه بالخطوط الحمر الأمريكية ودعمه في الغالب لكافة المخططات التي تستهدف وحدة وسلامة الدول العربية وكيانها وارثها التاريخي, لم يتمكن السودان منذ استقلاله من تحقيق الاستقرار السياسي نظرا لحجم الأطماع الغربية والأمريكية والمخططات الصهيونية التي تعصف به وتستنزف موارده البشرية والإستراتيجية, ولعل خاصرة الجنوب اللينة وتعاظم الاحتراب المسلح المدعوم من إسرائيل لم تعالج بشكل رصين يعتمد على مرتكزات السياسة الناعمة مما أشاع فكرة الانفصال وهذه الفكرة قاسم مشترك اليوم في العراق واليمن والسودان, كما أن كافة القوى السياسية السودانية في حالة تنافر وتصادم ولم ترتقي لتكون مصفوفة سياسية وطنية, وذهبت تلك القوى لتمزق السودان وفق رغبات حزبية بالظاهر وبالباطن تشكل زعانف لأجندات دولية وإقليمية كما هو حال العراق, ويلاحظ تصدع وحدة السودان بعدد دخوله دوامة من الحرب في كافة أوصاله الجنوب والشمال والشرق والغرب وهو مخطط التقسيم المنشود أربع دويلات انطلاقا من التقسيم العمودي أولا الشمال عن الجنوب... وأضحى السودان يمر بمرحلة خطيرة في تاريخه منذ استقلاله عام 1956 و يتجه نحو المجهول خصوصا بعد أن استخدمت القوى الخارجية نوازع السلطة والثروات والنزاع الديموغرافي وبأدوات سودانية والتي تسعى دوما لزعزعة استقرار السودان.
يغفل ساسة التقسيم مخاطر وتداعيات الانفصال والتقسيم وافتقرت الحكومات السودانية المتعاقبة ي نزع فتيل الانفصال كونه يتصف بالتنوع والتعدد والتي يفترض أن تكون مصدر قوة وطنية لا تهديم انفصالي، بالرغم من كونه متعدد الأعراق واللغات والثقافات والأديان مع كون الدين الاسلامى يعتنقه الغالبية العظمى من سكانه , كما أن أقاليمه الإدارية وبحدوده الجغرافية المعروفة تختلف بمياهها الطبيعية وتعدد مناخاتها وتتنوع مواردها الإحيائية والايكولوجية ، فتوجد فيها المناخات الصحراوية ومناخات السافانا والمناخات الاستوائية ، وكذلك تنوع مواردها المائية والطبيعية والمعدنية[size=19][1], غير أن المخططات "النيوامبريالية"[2] لتفكيك السودان سياسيا وغزوه اقتصاديا عززت الاحتراب الطائفي والعرقي وإشاعة مفاهيم خاطئة عن ثقافة أهل الشمال وبتصوير المواطن الشمالي انه مستغل لأخيه الجنوبي – هذا من ناحية ومن ناحية أخرى عمد المستعمر على وضع حاجز بين الشمال والجنوب من خلال سياسة الاراضى المقفولة والتي صدرت في قانون المناطق المقفولة لعام 1922[3] .[/size]
أبعاد المخطط ألتقسيمي
تعصف بالسودان منحنيات خطيرة تقود دوما لاحتراب واقتتال وتنازع على السلطة تقود إلى تمزيق الدولة وتغليب الهويات الفرعية على الهوية الوطنية وقد وساهمت عدد من الدول العربية في شد الاطراف لأضعاف المركز بين تحالفات واتفاقات راعيها الأساسي جشع الشركات الأمريكية والمخطط الإسرائيلي لعزل جنوب السودان عن شماله تمهيدا لمراحل توسعية ليبرالية قادمة وهناك أكثر من بعد ساهم في الوضع الحالي وهو:-
1. الهندسة السياسية للأحزاب السودانية
يفتقر السودان للهندسة السياسية والخروج بمصفوفة سياسية تحافظ على وحدة السودان وتعزز روح الدفاع الوطني عن وحدة السودان ويعلل البعض احتكار العمل السياسي من حزب السلطة وتوجهاته الدينية التي قد تكون احد الأسباب والعوامل المغذية لديمومة الاحتراب في ظل التنوع المجتمعي في السودان وبنفس يحاول الغرب المستعمر أذكاء احتراب الثروات وإخراجها من السيطرة الوطنية وفق نظرية تقاسم الثروة والسلطة كما جرى في العراق بعد الغزو تماما ويلاحظ عدم تجانس العقائد والأفكار السياسية للأحزاب في السودان ويفتقدون إلى بوصلة وطنية تحميهم من الولوج الناعم الذي يذكي الاحتراب السياسي ويمزق الدولة, إضافة إلى شخصنه الأحزاب وتكالب الحاشية المستفيدة التي تدير الصراع إلى مغانمها الشخصية وهذه علة السياسة العربية في الغالب , وبذلك يجري الاستئثار بالوظائف والسلطة وإقصاء الأخر والتحول إلى عمليات العنف السياسي والتي تلقي بظلالها على طبيعة المشهد السياسي مما يصعب على السلطة والحزب الحاكم استيعاب المخاطر والتحول نحو الإصلاح والتغيير وتوسيع المشاركة السياسية والتي تعمد على وحدة البلاد وتنميته وتعميم الرخاء الاجتماعي.
فشلت المسميات الحزبية في رسم السياسية السودانية ومعالجة تداعيات ومظاهر التصدع التي افرزها المخطط الاستعماري الامبريالي وذهبت إلى الاحتراب وتعزيز منطق القوة الغير شرعي, خصوصا يعلم الجميع أن الجنوب السوداني هو غاية إستراتيجية إسرائيلية لم يتم معالجة جذورها وفق تقييم استراتيجي رصين ووضع حلول ناجعة تعزز الوحدة الوطنية,وكذلك هناك دارفور جائزة النفط للشركات الأمريكية التي تعمل على استعمارها بالوكالة وقد غمرتها فلسفة الاحتراب وإذكاء النزاعات وفق المنظور الامريكي للولوج أليها قد تصل إلى فصل هذه المنطقة عن السودان خصوصا بعد تدويل أحداثها ولم يكن هناك وحدة هدف للأحزاب السودانية في معالجتها, وكذلك هو الحال في شرق السودان ,ولم نشهد لأي من المسميات الحزبية أي تكامل او قدرة على حل تلك التداعيات الخطيرة التي تهدد مصير السودان ..
2. المخططات الإستراتيجية والبعد الاستعماري
يشهد السودان منذ عقود هجمات امبريالية تسعى لاستعماره وتقسيمه إلى دويلات شركاتية من ناحية تحقق رغبات قراصنة العالم ومن ناحية أخرى تطبيق مخططات إسرائيلية تقسم السودان لأربع دويلات الغرض منها عزل مصر وتفكيكها والهيمنة على البحر الأحمر كميدان تواصل بحري والإحاطة بالخليج العربي من كتفه الغربي , وتوسيع اذرع الهيمنة والنفوذ الليبرالي , وهناك صراع أوربي أمريكي يتجسد في السودان لتحقيق محميات جديدة بالقارة الإفريقية ويأتي السودان على رأس المناطق المستهدفة باعتباره جسر التواصل بين العالم العربي وأفريقيا[size=19][4] ولا خلاف على أن القوى الغربية تعمل منذ زمن على فك ارتباط العرب بأفريقيا .[/size]
جنوب السودان صراع سياسي وعسكري نحو الانفصال
فصل جنوب السودان عن شماله يعد أولوية إستراتيجية ذات طابع استعماري بغية السيطرة عليه ,وقد ساهمت بريطانيا وإسرائيل وبشكل حثيث في حث الجنوبيين على الانفصال بوصفه مطلباً سياسياً شعبياً من الجنوبيين خاصة , ومنذ استقلال السودان عام 1953 وحصوله على حق تقرير المصير وحتى بعد انسحاب القوات البريطانية فقد تركت خلفها مشروع الانفصال للجنوبيين بدعوى حاجة الشعب الجنوبي للاستقلال ما حدا بهم للتمرد عام 1955 وبدأت قضية الصراع بين الشمال والجنوب وتصاعدت المواجهة عام 1962 بعد تشكيل حركة أنيانيا وبعد اتخاذ الشمال مجموعة من القرارات والإجراءات عام 1964 للحد من النشاط التبشيري المسيحي الغربي في الجنوب وقد تداخل الصراع السياسي مع الصراع العسكري بين الشمال والجنوب في محاولة لحل القضية بواسطة الحكومات السودانية المتعاقبة التي تمكنت من عقد العديد من الاتفاقيات مع الجنوبيين إلا أنها فشلت في الوصول إلى اتفاق يقبل به الطرفان خصوصا أن مشروع الجنوب هو مدعوم غربيا ولابد من قراءة الوضع الجيوسياسي للجنوب حيث يبلغ مساحة جنوب السودان حوالي 700 ألف كم2 ما يعادل 28% من المساحة الكلية للسودان البالغة 2.5 مليون كم2 وللجنوب حدود تمتد إلى 2000كم تقريباً مع خمس دول هي أثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى ويقع الجنوب السوداني بين دائرتي عرض 3.30،ُُ10 شمالا وهو موقع مغلق لا يطل على أي سواحل بحرية, وتشكل المراعي 40% من الجنوب السوداني والأراضي الزراعية 30% بينما تشغل الغابات الطبيعية 23% والسطوح المائية 7% من جملة المساحة ,ويكتسب جنوب السودان أهمية خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي للسودان ويشارك في تأمين الحدود الجنوبية مع دول الجوار الجغرافي [size=19][5][/size]
تسييس الدين واليات فصل الجنوب
تمكنت الدوائر البريطانية الاستعمارية من تسييس الدين المسيحي في الجنوب وفي يناير / 1929 وجه السكرتير الإداري لحكومة السودان تعليمات إلى مديري المديريات الجنوبية تضمنت الإجراءات التنفيذية للسياسة الهادفة لفصل الجنوب من خلال محورين .
أ. بناء سلسلة من الوحدات العنصرية أو القبلية ذات الهياكل والنظم القائمة على التمايز العنصري والديني على أن يتم ذلك بإبعاد الموظفين المتحدثين بالعربية حتى لو كانوا جنوبيين وجعل الإنجليزية لغة المكاتبات الرسمية بالنسبة للكتبة وجعلها لغة الأوامر العسكرية ... الخ - وحصر هجرة التجار الشماليين وتشجيع التجار الأجناب المسيحيين .
ب. تضمن وسائل قياس التقدم في تنفيذ السياسة المذكورة بإعداد جدول سنوي يوضح في جانب منع عدد المسلمين بالنسبة لمجموع موظفي الحكومة في الجنوب ثم عدد الموظفين البريطانيين الذين أجادوا تعلم اللغات المحلية يلي ذلك تطور عدد التجار الشماليين في الجنوب ثم عدد المدارس التنصيرية والأموال التي تنفقها الحكومة على التعليم .
أثناء الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان طلب مدير المديرية الاستوائية إعادة النظر في السياسة المتبعة في الجنوب ، في حين أكد مدير المعارف من ذلك ما مؤداه أن سياسة الحكومة في جنوب قد أدت إلى تخلفه إذا ما قورن بالشمال وبعدها في عام 1944 في مذكرة وجهها الحاكم العام بالسودان للسفير البريطاني في القاهرة طالب بضرورة البحث في مصير الجنوب إما بالاندماج في الشمال أو الاندماج في شرق أفريقيا أو دمج بعضه في هذا الجانب ودمج البعض في الجانب الآخر .
- في عام 1946 وبعد إتباع سياسة السودنة تشكلت لجنة للنظر في أمكان تنفيذها في السودنة الجنوب وضعت تقريراً أدانت فيه بشدة سياسة الحكومة الجنوبية وطالبت بإلغاء تصاريح التجارة واتباع سياسة موحدة للتعليم في الشمال والجنوب وتعليم اللغة العربية في مدارس الجنوب وتحسين وسائل الاتصال بين الجانبين وتشجيع انتقال الموظفين بين الشمال والجنوب وتوحيد النظم بينهما الأمر الذي يتطلب البحث في الأسباب التي أدت إلى انقلاب في السياسة البريطانية تجاه جنوب السودان
فقد تم بعد عام 1948 تغير ملحوظ في السياسة التعليمية في الجنوب حيث اقيمت أول مدرسة ثانوية وتوقف إرسال طلاب المدارس العليا الجنوبيين إلى كلية أوغندا واستبدال ذلك بالذهاب إلى الخرطوم في نفس الوقت أقرت الجمعية التشريعية خطة السنوات الخمس للتعليم في الجنوب .
وكان هناك بعد ذلك ما ترتب على عقد اتفاقية فبراير 1953 بين مصر وبريطانيا لتقرير مصير السودانيين والتي ترتب عليها نتائج عكسية على الجنوب كان منها غضب الجنوبيين من انه لم يسمع أحد من المتفاوضين لمعرفة آرائهم ثم ما جرى في الانتخابات التي اعقبت المعاهدة من اسراف للوعود التي قطعت لهم سواء من جانب الأحزاب الشمالية أو من جانب المصريين وهي الوعود التي لم يتحقق منها شيء .
ووصلت الشكوك إلى ذروتها عندما بدأ الشماليون عام 1955 في إعادة تنظيم القوات العسكرية وتقرر نقل بعض مجموعات الفرقة الاستوائية إلى الشمال الأمر الذي اتهى بتمرد هؤلاء وهو التمرد الذي كان بداية لتفجر مشكلة الجنوب ثم تحولها بعد ذلك وتحت الحكم العسكري الذي حكم السودان منذ عام 1958 إلى ثورة واسعة وكانت بمثابة الحصاد المر للسياسة الاستعمارية في جنوب السودان .
حركات التمرد في جنوب السودان :
بدأت حركات التمرد الجنوبية ضد الشماليين والحكومة المركزية في أغسطس / 1955 فى مدينة توريت ليصبح نواه لحركة انياينا (1) بمنطقة الاستوائية أي قبيل إعلان استقلال السودان الذي تم في الأول من يناير / 1956 وكان سبب التمرد هو محاولة نقل الفرقة الجنوبية المتمردة من موطنها في الجنوب إلى الشمال
حركة اناينا
وكانت حركة التمرد الثانية باسم انيانيا (2) في أول الستينيات أثناء حكم الفريق إبراهيم عبود الذي اتبع مركزية عسكرية قابضة في الإدارة وحاول أتباع سياسة تعليمية لأسلمه الجنوب وأبعد المبشرين الأجانب من جنوب السودان لتدخلهم في الأمور السياسية .
كان هدف حركة انياينا فصل الجنوب عن الشمال واستمر التمرد الذي قاده العقيد جوزيف لافو من أوائل الستينيات إلى عام 1972 حين عقد مع حكومة الرئيس نميري اتفاقية أديس ابابا التي أعطت الجنوب حكماً ذاتياً له حكومته الإقليمية وبرلمانة التشريعي وتوحدت مديرياته الثلاث تحت إدارة واحدة ومارس قدراً من الديموقراطية لم توجد في الشمال تحت كم نميري العسكري .
الحركة الشعبية لتحرير السودان
وقام التمرد الثالث في مايو 1983 تحت مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة العقيد جون قرنق من أبناء الديبكا اكبر قبائل الجنوب بحجة انتهاك الرئيس نميري اتفاقية أديس ابابا حيث أصدر مرسوماً رئاسياً بتقسيم الجنوب إلى ثلاث مديريات وأعلن في سبتمبر 1983 تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية دون أن يستثنى منها الجنوب مما ادى الى سخط الجنوبيون وتعد الحركة الشعبية اقوى حركة جنوبية متمردة وقد تمكنت فى بدايه التسعينات الاستيلاء على نحو 80% من مساحة الجنوب واحتلت بعض اجزاء فى شمال السودان ومنها مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ووجدت دعماً إقليمياً ودولياً ضد حكومة البشير واستطاعت أن تجذب مقاتلين معها من المناطق المهمة في الشمال فضلا عن بدايه التنسيق مع القوى المعارضة فى دارفور والشرق .
وكان جون قرنق يؤكد على اهداف الحركة الشعبية بقيام سودان جديد تحت نظام كونفدرإلى لا تسيطر عليه النخبة العربية الإسلامية التي حكمت السودان منذ الاستقلال وان كان هذا يتباين مع قواعد الحركة الشعبية التى كانت تميل إلى انفصال جنوب السودان .
وبعد مقتل جون قرنق ضعف التمسك بالوحدة لدى قيادات الحركة - وما زال هناك حركات أخرى جنوبية تعارض حكومة الخرطوم
حزب الأحرار الجنوبي :-
تأسس عام 1954 بعد تكوين لجنة السودنة التي تقلت الإدارة المدنية من البريطانيين والمصريين إلى الوطنيين السودانيين وقد رفض هذا الحزب مشروع السودنة لأنه لم يضم أعضاء من جنوب السودان واعترض على مقرراته .
وكان حزب الأحرار المحرض الأساسي لأحداث دامية شهدها جنوب السودان ويعتبر البيت الذي خرجت منه كل الحركات الجنوبية المقاتلة وبدء من عام 1955 توسع الحزب واستوعب في عضويته الكثير من المثقفين الجنوبيين على الاستقالة من الأحزاب الشمالية ومن أهم شخصيات الحزب إيوت ستالينو من لاتوكه شرق الاستوائية وعبد الرحمن سولي .
حزب سانو
بداية تأسيس الحزب كانت في عهد الرئيس إبراهيم عبود (1958-1964) التي اتجهت للحسم العسكري ونشر اللغة العربية والإسلام وكان من نتيجة ذلك إن هاجرت أعداداً من أبناء الجنوب إلى أوغندا وإثيوبيا وكينيا وكون المهاجرون رابطة المسيحيين السودانيين والاتحاد السوداني الأفريقي الوطني لجنوب السودان المعروف باسم ساكندو حيث كانت الكنائس تؤيد تلك الهيئات وتدعمها لمعارضة الحكم العسكري حتى عام 1963 وتولى وليام دينق سكرتارية حزب ساكندو الذي تغير اسمه عام 1963 إلى حزب سانو وكان نشاطه يقتصر على إرسال العرائض إلى منظمة الوحدة الإفريقية والأمم المتحدة ومختلف المنظمات مستعرضاً لأحداث الجنوب وداعياً لمسعدة اللاجئين ومطالباً باستقلال جوب السودان
ولقد انقسم حزب سانو إلى جناحين أحدهما بقيادة وليم دينق وتميل أطروحاته إلى الوحدة والثاني بقيادة أقرى جادين وله ميول انفصاليه وقد تقلص حجم ونفوذ سانو في الجنوب ولم يعد له وجود محسوس في الشارع السياسي الآن .
اتفاقية نيفاشا عام 2005
عقدت اتفاقية نيفاشا في مستهل عام 2005 بعد ان وضعت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب أوزارها والتي دامت أكثر من عشرين عاماً
حظيت اتفاقية نيفاشا بتأييد كبير من كل القوى السياسية في الشمال والجنوب رغم أنها كانت ثنائية بين المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والحركة الشعبية وتم اقتسام السلطة على المستوى الاتحادي والإقليمي لمصلحة الحزبين ولعل السبب في ذلك التأييد هو إيقاف الحرب الدامية بين الشمال والجنوب وأن الاتفاقية كانت شاملة لكافة القضايا المتنازع عليها بين طرفي الوطن
وتتمثل أهم معالم الاتفاقية في - إعطاء أهل الجنوب حق تقرير المصير بنهاية الفترة الانتقالية في 2011 - وتمكين الحركة الشعبية من السيطرة تماماً على إدارة الولايات الجنوبية خلال الفترة الانتقالية2005/2011 - ومشاركه أبناء الجنوب في الحكومة الاتحادية بنسبة 28% وفي الاتحاد جنوب كردفان النيل الأزرق الشماليتين بنسبة 45%لأن بعض أبناءها كانوا قد حاربوا مع الحركة الشعبية - إضافة إلى احتفاظ الحركة الشعبية بمليشياتها المقاتلة إبان الفترة الانتقالية - وخروج القوات المسلحة من حدود جنوب السودان - أقتسام عائدات البترول من الحقول الموجودة في الجنوب مناصفة بين حكومة الجنوب والحكومة المركزية -واستثناء الجنوب من تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وكذلك أبناء الجنوب غير المسلمين في العاصمة القومية وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب ونجده يطابق إجراءات فصل شمال العراق كإقليم او دويلة.
أسباب مشكلة الجنوب
يرجع أسباب استمرار المشكلة إلى أسباب تعود إلى قصور التنظيمات السياسية في طرحها وبدون برامج ولا أهداف والتناقض بين أهداف التنظيمات السياسية الداعية إلى تطبيق مبادئ التعددية والديمقراطية السياسية والتي تتحالف مع الحركة الشعبية بالرغم من أن هذه الحركة لا تؤمن أصلا بهذه التعددية السياسية ولا تلتزم بالحقوق المدنية[size=19][6] .[/size]
بينما يرى أحد سفراء ألمانيا السابقين في السودان أن هناك خلافاً في الأبعاد الثقافية التي تشكل محور التباين بين الشمال والجنوب وهي النظرة للأسرة والمفاهيم الدينية للدولة والإرث الحضاري في البعد التنظيمي والإداري – وهذا التباين فصله على النحو التالي :
تطويع الثقافات الهجينة التي رسخها الاستعمار وعززها عبر التسييس الديني وإلحاق المجتمع السوداني بثقافة هجينة غالبا ما يضعها المستعمر لتحقيق اللبنة الأساسية في الاختلاف والخلاف المجتمعي والتركيز على التباين بين عادات المجتمع العربي والإسلامي والغربي.
ومن الثابت أن البعد الثقافي يعتبر أمراً مهما ً في تشكيل الوحدة الوطنية والانصهار الاجتماعي وهو الحاجز الذي وضعه الاستعمار حتى يباعد بين الشمال والجنوب
كما أن ورش العمل الغربية والإسرائيلية التي تشكل مرتكزات اتخاذ القرار السياسي أو على الأقل تكييفه ويرى بعض السياسيين أن الأحزاب والفعاليات والسياسة ا
...