يا منيتي يا سلا خاطري (أو) وانا احبك يا سلام ..

من كان يتوقع ذلك؟ بل ومن حلم بشيء كهذا؟ مستحيل !!

كادت أن تشكّل أغنية (يا منيتي يا سلا خاطري) شبه معجزة ..

بل أظنّ أنها قد أضحت اليوم كذلك.. فقد أمكن المستحيل وتحقق الحلم ..

كم وقفت مذهولا، مندهشا أمام هذا الكم من عدد الفنانين والفنانات الذين أدوا هذه الأغنية بمختلف الأصوات .. سيل من الأغاني لا يصدّه صدّ ولا يحجزه سدّ وقد تجاوز كلّ حدّ.

ردّدت أنغام يا منيتي الغربيات والآسيويات والأفريقيات …

تسمعها في الأعراس وفي الإذاعات وفي الحفلات وفي المسارح بل بلغ الحال أنك تسمعها في مدرجات ملاعب الكرة وقد ارتجزت بالأهازيج جماهيرها.

قصيدة: يا منيتي يا سلا خاطري

من كلمات وألحان: الشاعر الفنّان الأمير القمندان أحمد بن فضل بن علي العبدلي اليافعي

محفوظة ومسجلة وموثقة وبالرغم من كلّ ما تقدّم، إلاّ أنّه وللأسف الشديد تسمع أخبار مزورة، عن قصد وعمد، تنسبها إلى فلان تارة وإلى علان أخرى.. وأفضل الزاعمين والمدعين يردونها إلى التراث .

تراث من؟ لا ندري.

تراث أي بلد من البلدان؟ لا ندري.

لأن شهادات الزور والبهتان والنفاق لا صحة لها ولا صدق فيها. فكيف إذا يثبتونها أصحابها؟.

ولماذا كلّ هذا؟ وما هي الدوافع وما أسبابها؟

لا شيء سوى - ربّما - لأنها من اليمن
وأن القصيدة من اليمن
وأن الشاعر من اليمن
وأن المطرب من اليمن.

فإن كانت كما زعموا أنها من التراث فلن يكون غير التراث اليمني .. تراث بلاد اليمن و تراث أهل اليمن.

ولـكن كيف ينبغي لنا قول ذلك.. وتجريد الحقّ من أصحابه.. وقد عرف للقصيدة أصحابها من شاعر وفنّان..

كيف يأتي من ينزع الحقّ من أصحابه دون دليل أو برهان؟

كيف ننسب إلى التراث، وإن كان لليمن، شعرا ولحنا وأغنية.. معروفة أصولها وجذورها وفروعها من بعدما تعرفنا على صاحبها..؟
إنما ينسب إلى التراث ما توارثناه من الشعبيات وجهلنا أسماء مبتدعيها ..
فهل كان القمندان مجهولا؟ وهل يعرّف المجهول ويسمّى؟

بين عشية وضحاها وعلى عين شمس النهار تصبح أغنية (يا منيتي) من الروائع النجدية أو الحجازية القديمة أو تغدو من الفولكلور الكويتي أو الخليجي.

يا سبحان الله!

شيء يفوق كلّ عجب!

سوف أستشهد هنا بمدخلين اثنين، جاء أولهما على لسان وبقلم المحرر الصحفي في جريدة الرياض الأخ العزيز عبد الرحمـن الناصر الذي استعجب حقا كيف فاته التحرّي في خبره والتحقّق من دقّة المصادر والتأكد من صدقها وصحتها.

أما المدخل الثاني فقد حررته بقلمها الكاتبة السعودية العنود العلي العزاني التي صدقت في قولها وعدلت وأنصفت في حكمها.

كتب الأخ العزيز عبد الرحمن الناصر
تحت عنوان:
يامنيتي" تعاطي الكلمة وتولد الإحساس المقنع..!!

حينما تسمع أغنية "يامنيتي" تعود بك الذاكرة إلى الفنان الكويتي عبد المحسن المهنا الذي كان من أهم العوامل الفنية لتقديم الموروثات الغنائية في الخليج العربي، هناك عوامل كثيرة ساعدت هذه الأغنية على البروز بين المتلقين منذ نشأتها في السبعينات تواصلاً مع جيل اليوم.

اعتقد أن الفنان يوسف المهنا قدم عطاءات فنية كبيرة على مستوى تقديم الأعمال الفلكلورية واحتضانها لتصبح من أهم العوامل للاحتفاظ بهذا الموروث الجميل.. أغنية "يامنيتي" لم تكن إلا جملا لحنية رائعة تناسبت مع معطيات الكلمة وقراءة معانيها من خلال الحس والأجراس الموسيقية، المهنا عصارة موروثات وأفكار ساعدته لتقديم الأغنية الرائعة التي مازال فنانو هذا اليوم يعيدون غناءها بالأسلوب الحديث.

هو الحنين والوله والأمنيات لإعادة العلاقة والبعد عن الهجران الذي يعاني منه دائما الحبيب الأكثر شوقاً، هناك عدة اسئلة دائما ما تدور في أذهان المحبين لماذا الهجر؟!بلاشك هذا التواصل الحسي في هذه المعاني كان كفيلا لتقديم مذهب الأغنية وقراءة الحس من خلال المد في "يامنيتي" وكذلك في "يا سلام" والتغير الفجائي في الجزء الآخر من المذهب "ليه الجفا" إلى قفل المذهب للعمل، هذه الأعمال تحتاج للعناية والقراءة المعنية بالحس والتوافق في العطاء.

يا منيتي

يا منيتي يا سلا خاطري

وآنا حبك يا سلام

ليه الجفا ليش تهجرني

وآنا حبك يا سلام.

هناك أجزاء في الأغنية المميزة منها التعاطي مع الكلمة وتوالد الإحساس بين أجزاء العمل، هذه المعطيات لجماليات الأغنية كانت في الكوبليه الثاني والتراقص في الذكريات بالصحبة والمحبة، هي بلاشك قراءة واضحة للكلمة وترويضها حسياً مع النغمات الموسيقية، حاليا قد لا تجد هذه المعطيات للتفاعل بتقديم العمل الغنائي ليكون نواة لمستقبل الأيام.

يترنم على البال عشية الجمر والروض

على غصن السلام

ذكرني بأحبابي

ذكرني بأصحابي.

هو ليس بالبكاء المعتاد سماعه، هو بكاء الروح الذي قد لايسمع!! هي المحبة الدفينة في وجدان المحب هو العناء في لقاء الحبيب؟!هذا المعنى جسد من خلال الجمل اللحنية ومدى تفاعلها في الانتقال لحالة الوصف في "العنق والعين والتغريد" ، عادة التواصل الفني بين الكاتب والملحن وتجسيد دورهما بالتفاعل من المطرب في تقديم إحساسهما وتوالد هذا الحس من خلال تجسيد الموسيقى لبناء العمل.

بكاني الغرام

وآنا حبك يا سلام

لك عنق الظبا يا سيدي وعين المها لك

وتغريد الحمام

يا أسرى بالهوى وأنا أحبك يا سلام.

رؤيا كانت كفيلة لبناء العمل الغنائي الذي يستمر طويلاً والكلفة في هذا البناء التواصل بين الأضلاع الثلاثة في تقديم الأغنية الطربية الحسية التي تنتقل في حالة استمرارها لتكون نواه فنية تراثية أصيلة؟!هي الأصل في البناء.

الأغنية العظيمة هي من تكون متأصلة في البناء اللغوي والنغم الأصيل الناتج من تراث البيئة.

اعتقد بان هذه الأعمال الغنائية لم تكن إلا استمراراً للثقافة الفنية الخارجة من البيئة وكنز الأرض في تقديم الكلمات الاجتماعية والحياء في الألفاظ وتداولها عبر نغمات لحنية أتت لتتواجد بيننا رغم عمرها الطويل، لاسيما وإنها من تبعات ذهبيات.

هذا العمل يستمر ويتواصل نحبه لا ننساه نسمعه لا نمله هو غير ما يقدم في الوقت الحالي من أنغام ما تلبث إلا وتنسى.!!

*** * * * ***

أمّا الأخت العزيزة الغالية العنود العلي الهزاني فقد كان لها رأي أصدق منطقا عندما كتبت
تحت عنوان:تهميش التراث اليمني.. لماذا؟

تسعى بعض الإذاعات العربية إلى التقليل من شأن الأغنية اليمنية وجعلها في المؤخرة دائماً على الرغم من أنها في الطليعة كلمة ومعنى وأسلوباً ولحناً ونغماً وهذا يتضح لنا من خلال:

ــ أولاً: عندما يغني أي مطرب أغنية كتب كلماتها شاعر يمني لا يذكر اسم كاتب الكلمات فيظن المستمع أن هذه الأغنية ليست يمنية لأنها تغنى بصوت ولحن مغاير للأسلوب اليمني فيطمس اللحن تماماً إذ لا تنسب الأغنية الحضرمية أو الصنعانية أو اليافعية أو اللحجية أو العدنية بل كأنها مزمار فيا ليتها لم تغنَ أصلاً وظلت مرجعاً تراثياً يرجع إليه وقت الحاجة.

مثال على ذلك أغنية «قلبي من الفرقة» التي كتب كلماتها الشاعر الكبير حسين أبو بكر المحضار وهو كما نعلم من مدينة الشحر في المكلا في حضرموت وهو شاعر معروف ومتمكن، تغنى إحداهن هذه الأغنية ولم تجد غناءها ولم نتذوق كلماتها أثناء سماعنا لها فهي تبدأ وتنتهي على نغمة واحدة ، أما صوت المطربة فهو خليجي بدوي.

ــ ثانياً: نسبة الكلمات اليمنية إلى شاعر آخر من دولة عربية أخرى وإلزام الإذاعات بذكر اسمه والأمثلة لدينا كثيرة مثل أغنية «يا ريم وادي ثقيف» وهي من التراث اليمني عندما تذيعها بعض الإذاعات العربية تنسبها إلى الشاعر الفلاني من تلك الدولة التي لا تعي من التراث شيئاً وليس عندها تراث أصلاً.

أغنية «يا منيتي يا سلا خاطري وأنا احبك يا سلام» وهي من كلمات الشاعر اليمني احمد فضل القمندان وهي تغنى بأصوات يمنية وغير يمنية وعندما تغنى بأصوات غير يمنية تنسب إلى شعراء غير يمنيين.