مشكلات القطاع الصناعي في السودان
د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.comخلال الفترة من ( 8-14 ) ديسمبر 1990 م انعقد مؤتمر التنمية الصناعية في السودان من تنظيم الجمعية الهندسية السودانية. وبمناسبة مرور ثلاثة وعشرين عاماً بالضبط على ذلك المؤتمر رأيتُ إشراككم فيما تم تداوله، لنعقد المقارنة بين واقع الصناعة حينذاك والآمال التي كانت منعقدة عليها، والحال الذي أضحت عليه اليوم.
تم في المؤتمر تداول نحو ثلاثين ورقة علمية أعدها علماء من الجامعات السودانية، ومن القطاع الخاص السوداني، ومن المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالقطاع الصناعي. تم تقسيم الأوراق المقدمة لأربعة محاور رئيسة، المحور الأول تناول المصادر الأولية، وناقش المحور الثاني السياسات والتخطيط والاقتصاديات، وتعرض المحور الثالث للتكنولوجيا، فيما غطى المحور الرابع البحوث والتطوير وضبط الجودة.
القضايا والمشكلات التي تعرضت لها الأوراق تطابق لحد مُذهل القضايا والمشكلات التي تعاني منها الصناعة في السودان في الوقت الحالي. وهذا يعني أننا لم نتقدَّم في المعالجات لهذا القطاع القائد للتنمية الاقتصادية. لقد أشارت الأوراق لمشاكل التمويل، مشاكل العمالة والعلاقات الصناعية، مشاكل الطاقة والمياه، مشاكل القوانين والإجراءات، والمشاكل الهيكلية والإدارية. وكما ترون هي مشاكل القطاع الحالية بزيادة مشكلة إضافية في الوقت الحالي هي مشكلة الضرائب والرسوم والجبايات المكبلة لهذا القطاع.
من ضمن الأوراق الهامة التي طالعتها ورقة بعنوان (برنامج إعادة التأهيل والتعمير بالقطاع العام والمشترك) من إعداد السيدين جعفر حسين صالح ومحمد أحمد حسن الشيخ. أشارت الورقة الى أن هذا البرنامج يشمل قطاع السكر، قطاع الغزل والنسيج، قطاع الجلود، قطاع الصناعات الهندسية. ويهدف البرنامج الى الارتقاء بكفاءة أداء وإنتاجية الوحدات في هذه القطاعات لبلوغ الطاقة التصميمية لكل وحدة وذلك بغرض الاكتفاء الذاتي وولوج مرحلة التصدير لاحقاً. وأشارت الورقة الى أن مصادر تمويل هذا البرنامج تأتي من: هيئة التنمية الدولية، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الصندوق السعودي، بنك التسليف الألماني، الحكومة الهولندية، الحكومة اليوغسلافية، الحكومة التشيكسلوفاكية، الحكومة الإيطالية.
لقد لفت نظري هذا الحشد الدولي المتنوع من دول كانت تتبع للمعسكر الشرقي سابقاً مثل يوغسلافيا (اختفت عن الخارطة الدولية حالياً بتقسيمها)، وتشيكسلوفاكيا (انقسمت لدولتين)، ودول تتبع للمعسكر الغربي مثل هولندا وألمانيا وإيطاليا، وهيئات دولية مثل هيئة التنمية الدولية، وصناديق سيادية عربية مثل الصندوق السعودي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. ومن الواضح أن الأخطاء السياسية مثل الموقف في حرب الخليج الأولى والشعارات السياسية مثل (أمريكا روسيا قد دنا عذابها) تسببت في إيقاف هذا البرنامج وبالتالي فقدت الصناعة السودانية فرصة عظيمة للتأهيل والتحديث.
هذا دليل على أن السياسة هي سبب أزمة الاقتصاد السوداني. ومن هنا ينبغي أن يبدأ الإصلاح والتغيير.
والله الموفق.