راي: بشير حسن وقيع الله

ظلت الضفة الشرقية للنيل بالولاية الشمالية معزولة، ولا تربطها بضفة النيل الغربية المتصلة بباقي مناطق السودان إلا بعض البنطونات.. أما على امتدادها من مناطق أمري حتى ناوا، فلا توجد بها طرق وحتى الخدمات الأخرى ضعيفة، إذا ما استثنينا مدينة كريمة التي تعتبر الملتقى لهذه المناطق، ولكن وجود طريق الأسفلت بالضفة الأخرى المرتبط بالعاصمة وتدهور السكة الحديد ونهايتها، والنقل النهري، كذلك ساعد في عزل هذه المناطق مزيداً.. ولكن وبحمد الله وفي إطار ثورة الأسفلت أنشأ شارع يمتد من كريمة حتى منطقة ناوا بهذه الضفة المنسية، وهو شارع كتبت عنه سابقاً، فهو يتسلق الجبال في مناطق الكرو والزومة والأراك والكرفاب، ثم يهبط السهول بدءاً من مناطق جلاس، ثم يعبر مناطق الزحف الصحراوي بمناطق العفاض وأرقي وبنقنارتي.


وفي جزء من هذه المنطقة الممتدة تجمعت عدد من القرى وأنشأت اتحاد كنار، وهذه القرى تضم قرى كوري، والهو، والسدر، وحسينارتي، وموره، والركابية، والنافعاب، والأركي، وجلاس، والقدمبلية.. وقد سار هذا الاتحاد بهذه القرى خطوات مقدرة على طريق خدماتها وتنميتها، وقد توسع هذا الاتحاد فأنشأ فروعاً له بعدد من مدن السودان، منها الأبيض- ومدني- وكوستي- وعطبرة- وبورتسودان- وكريمة.. بجانب فرعه الرئيسي بالخرطوم، وقد دعاني للكتابة عن هذا الاتحاد الانجازات الكبيرة الواضحة التي قدمها، فقد حاز على بنطون يعمل الآن بمنطقة موره بكفاءة عالية وهو يربط الضفة الشرقية المنسية بالضفة الغربية، فاختصر بذلك المسافات من كبري مروي أو كبري الدبة للمواطنين القادمين من العاصمة لهذه القرى، ومن إشراقات اتحاد كنار أيضاً المشروع الزراعي الأساسي، وهو الممتد على امتداد عدد من هذه القرى، وهو قد أعاد لهذه الأراضي الخصبة بريقها وأعاد للنخيل عزته بعد عطش ويباس، ولكن الأهم من ذلك كله تبني الاتحاد للمشروع الكبير الممتد شمال شارع الأسفلت بمساحة كبيرة وهو مشروع استصلاح جديد ظل حلماً للسكان منذ زيارة الشهيد الزبير للمنطقة قبل سنوات عديدة، وقد استبشر السكان خيراً عندما علموا بأن اتفاقاً قد وقع مع إحدى الشركات الكبرى المتخصصة في مجال استصلاح الأراضي وتعميرها.. إنني ومن خلال متابعتي لهذا المشروع سوف يصبح المشروع النموذجي الأول بالولاية الشمالية.. ذلك لأنه قد أنبنى على دراسات متعددة في مجال التربة والمياه وعلاقات الانتاج.. ورغم أن تصميمه يعتمد على قنوات من النيل، إلا أن الدراسة قد أفادت بأن المنطقة تقع على بحيرة عميقة في الحجر النوبي، مما يعني استمراره في حالات تعذر مياه النيل، وقد وضعت كل هذه الاحتمالات في الدراسات.

وأخيراً نقول إن نجاح هذه الاتحاد قد انبثق من قيادته ذات الخبرة الطويلة.. فرئيسه الأستاذ هاشم هارون قد تمرس في مختلف مواقع العمل منذ أن كان ضابطاً إدارياً وأميناً عاماً لحكومة ولاية كسلا، ثم بالنيل الأبيض، ووزير، وزيراً لولاية الخرطوم، ثم قيادة اللجنة الأولمبية وهو من خلال تجاربه الطويلة وحماسه المتدفق المرتبط بشخصيته الهادئة، قد اكتسب ثقة الجمع لقيادة الاتحاد، وتعاونه كذلك عدد من الخبرات والاختصاصيين في لجنته التنفيذية.. إن اتحاد كنار وهو يقوم بهذا العمل الأهلي الكبير لتطوير مناطقه في مختلف مجالات الخدمات، يستحق أن يقدم كمثال للمشاركة الشعبية في التنمية المحلية.. فالتهنئة لهم وهم يتأهبون لعقد جمعيتهم العمومية العادية في الاسبوع القادم.. والتحية لأهلنا بتلك القرى الوادعة التي ظلت منسية، ولكنها الآن تتطلع للنهوض، بعد أن تذكرتها الدولة بخدمات المياه والكهرباء والأسفلت، بدعم ومتابعة ومشاركة من اتحادهم «اتحاد كنار».